get pregnant

الثلاثاء، 11 أغسطس 2015

|

‏المرجعية والتظاهرة من أقوى‬؟ عبدالسلام آلبوحية



عبدالسلام آلبوحية
يطرح بعضهم سؤالا بهذه الصيغة:
لماذا تحملون المرجعية هذه الانجازات، إنجازات حركة 9 آب الإصلاحية؟ المرجعية سكتت طوال هذه السنين ال13 ولم تتدخل في شأن مكافحة الفساد، ولكنها عندما رأت المظاهرات اصبحت قوية قررت أن تركبها، وإلا السبب الرئيسي هم المتظاهرين، وقوة المتظاهرين كافية لجلب كل المطالب.
===================
وانا اقول مؤكداً: السبب الرئيسي هم المتظاهرون، لولا التظاهرات التي بدأها بسطاء الشعب في جنوب العراق خصوصاً في البصرة، وما حصل من أذية عامة في جميع المحافظات من قضية الكهرباء، ومن ثم عمل التيارات المدنية سواء العلمانية او الإسلامية لجعل هذه الاذية العامة فعلاً سياسياً شعبياً متمثلا بالتظاهرات، لولا كل هذا لما فعلت المرجعية شيئا، ولهذا ففعل المرجعية يأتي على خلفية الفعل الشعبي ولا يتقدمه.
إلا إنه يجب توضيح عاملين مهمين صنعا من هذه التظاهرات فعلاً واقعياً - وما زلنا ننتظر تحقق آثاره الواقعية - وهذان العاملان هما:
1- توفر الظروف المناسبة، وأهمها إنسجام المجتمع المتظاهر، فالتظاهرات حصلت في تسع او ثمان محافظات، فيها إختلاط سكاني وتمازج عقلي مناسب، بل يمكن ان نعتبرها حركة تصويبية ضد التحالف الوطني، حركة لربما ستقلب سيماء هذه الكتلة قلبا، فلولا هذه الظروف بالإضافة لظروف اخرى من الجيد السكوت عنها باللحظة هذه متعلقة باوضاع المنطقة واوضاع الجبهات، لما حصل كل هذا.
2- قوة المرجعية الدينية الإجتماعية والسياسية، وإكتمال وعيها تجاه المطالب الصحيحة، وكما قال احدهم (البرنامج الإصلاحي - على الاقل الحزمة الاولى منه - لم يحتوي على أي مطلب من مطالب المتظاهرين الثمانية، إلا إنه احتوى على كل ما تكلمت عنه المرجعية العليا) وانا اضيف واتوقع ان الخطاب المرجعي القادم على الارجح لن يكون تنازليا - نعم سيبارك مجهود حيدر العبادي - إلا إن تصعيدا وتشخصيا بالمطالب لعله متوقع فيه لكي يحثه على إكمال حزمه الثلاثة (وسيكون الخطاب أكثر حدة اذا ما لم يوافق مجلس النواب غداً على المطالب).
وهنا يجب ان نذكر قضايا مهمة، إن التظاهرات تعتبر سياسيا فعلاً عشوائياً اذا ما ناقشناها بدلالتها الشعبية - أي المتعلقة ببسطاء الناس مثلي ومثلك، وانما تنال قوة الفعل الصلب عندما تتنظم هذه المظاهرات تحت قيادة النخب الفكرية والثقافية، لأن هؤلاء ينتجون من وعيهم للاوضاع برنامج عمل ومطالب محددة.
فهل نقصتنا النخب الثقافية والفكرية في حركة 9 آب؟ من حيث العدد فنحن نملك ما شاء الله منهم، وبجميع الأطياف العلمانية والإسلامية، واذا كان بعض الإسلاميين متحرجا او مشككا بالعمل التظاهراتي فقد كانت النخب العلمانية عاملة ومجاهدة في سبيل تحقيق الفعل الشعبي بالمتظاهرة، إلا إن هذا ليس ميزان تحويل التظاهرات الى نتيجة واقعية أبداً، لأن الأهمية القصوى هي بالتنظيم وتماسك هذا التنظيم النخبوي وانا لست بحاجة لتبيان مدى هشاشة وضعف هذا التنظيم، فأي واحد كان متابعا لوسائل التواصل الاجتماعي شهد اسبوعا مارثونيا قبل جمعة 7 آب في التخبط النخبوي المثير للغثيان والإتهامات المتبادلة، ولم نجد في التنظيم المدني من ثبت على مبدئيته (بعد نهاية المارثون طبعاً) إلا واحدا وهو أحمد عبد الحسين، وحتى موقفه الثابت أرهق من خلال الإتهامات الفظيعة من إخوته في النضال.
وانا اقول ‫#‏جازما‬ بأن هذا التنظيم النخبوي لو كان متماسكا - وبظروف مختلفة عن ظروف اليوم - لما أتعبت المرجعية الدينية العليا نفسها بتصعيد الخطاب أبداً، ولاكتفت بالدعوة لمحاربة الفساد بدون ‫#‏تفويض‬ العبادي - علما ان قضية التفويض هذه كانت مطلباً قزما قبل خطبة الجمعة فحولتها المرجعية العليا الى آلية إصلاح كبرى اتفق عليها من يكرهها ويحبها -، علما ان المرجعية الدينية العليا حتى الان لا تعتقد ان من دورها ان تدعو للتظاهر او ان تمنع عنه، المرجعية العليا لا تنطلق من سخط - قل 50 ألف متظاهر - في ميدان التحرير، بل من سخط ملاييني شعبي واضح. [علما ان المرجعية العليا كانت خلال اخر سنة تشحن العقل الشعبي شحنا مبالغا ضد الفساد وادخلته في ثنائية "الفساد-داعش" والجمع بينهما في الخطبة الاسبوعية، فلا يقل دورها التحضيري للمتظاهرات عن غيرها، بل يفوقهم، فالمرجعية كانت تعمل تدريجياً للوصول الى هذه المرحلة، الا انها كانت تحض الناس لا اكثر].
أما من أين يأتي لي هذا الجزم؟ هذا الجزم يأتي لي من نفس التبرير لعدم تصعيد الخطاب المرجعي، وهو جواب جامع مانع على هذا السؤال المطروح، وهو متعلق بعقلية مرجعية النجف العليا.
ان السلطة التي تملكها المرجعية العليا داخل الحوزة العلمية، هي سلطة الأعلمية الدينية، أي ان يعتقد أهم أساتذة مرجعية النجف بأن المرجع الفلاني هو أعلم المتصدين بعلوم الفقه الديني.
إلا إن هذا لا يعني ان للمرجعية سلطة خارج الحوزة، لان بعض الحوزة احيانا تعتقد بأعلمية فلان فلا يكون له وجوده الشعبي إلا الفراغ، فالمرجعية العليا ليس تعريفها - هي المرجعية الأعلم - فقط، تعريفها هو إنها المرجعية الأعلم صاحبة المقبولية الشعبية الأكبر (او كما يعبرون: صاحبة أكبر عدد من المقلدين الشيعة في العالم)، واذا كان الشق العلمي هو الواضح وهو المعروف، إلا إن الشق الإجتماعي للتعريف يحتاج تأني، لا يعتنقه الا ذو صنعة سياسية، لأن على أساسه يمكن ان نقول بلا خوف إن مصدر سلطة المرجعية العليا الإجتماعية، ليس نظريتها الفقهية، ولكن الشعب، بكلمة أخرى (مصدر سلطة المرجعية الإجتماعية هو الشعب نفسه).
فإن المرجعية العليا كما أريد ان اصطلح عليها هي "المرجعية الشعبية" التي تعمل بكواليس الشعب ومجتمعه العميق وعلاقاته الإجتماعية المنفصلة عن السلطة والمتعلقة ببناياته الثقافية المستمرة طوال العقود، تلك التي تصنعها الحوزات والمساجد والحسينيات والزيارات، وهي على عكس "المرجعية الحاكمية" التي تعتقد أن لا حكم إلا لله لها مدخلية حكوماتية إنما تفسر بأن يكون الفقيه حاكما على الناس ومتصدرا لهم وهو المعروف بولاية الفقيه المطلقة والتي تريد ان "تستغل" - ان صح التعبير - الثقل العميق للأولى في إطار صنع للقرار مبني على أيدولوجية معينة، فيما ترفض "المرجعية الشعبية" تبني أيديولوجية وتعتقد بأن الإسلام صبغة حضارية مؤسسة لخليط من الأيديولوجيات وان عليها ان تكون الأب لها جميعا - من اقصى الدينية الى اقصى العلمانية - وان كان هذا الاعتقاد مبنيا على التأخير الى حين إكتمال الظروف لظهور المهدي (عج) والذي في حينها سيبني القرار الأيدولوجي الإسلامي المتكامل.
وعلى أي حال هذه نظرة خاصة بي قد لا يشاركني بها كثيرون - إلا إنني أشعر نفسيا (وشعوري النفسي ليس دليلاً) بأنها هي الموجودة في فهم بيت السيد السيستاني وانا اعتنقها نتيجة فهم تأريخي وللنصوص الفقهية، وأنا اكاد اكون متيقن من جنبتها الإجتماعية - وهذه النظرة الخاصة تتلخص بفصل دور شخص المرجعية العليا (الحوزوي) عن دوره (المجتمعي).
اذا كان هذا الكلام مفهوما، هنا يمكن الخروج بقضيتين أساسيتين ننهي بها السؤال - طبعاً لمن يريد ان يفهم ويدرس الوضع الإجتماعي لا من يريد ان يقفز ويتكلم عاطفياً -:
أما القضية الأولى، فإن المرجعية العليا إنما تتحرك في إطار فقهي لهذه النظرة التي شرحتها، وهذا الإطار الفقهي هو رفضها تصدي رجل الدين للعمل السياسي الهادف لأخذ السلطة، ان المرجعية أكدت في استفتاءاتها ان رجل الدين ليس لباسه ان يتصدى للحكومة، وهذا الإطار الفقهي يمنع رجل الدين من التكلم بما يتعلق بامور الدولة، الا ان هذا الاعتقاد احياناً يوازن بينه وبين الإرادة الشعبية التي تمثلها المرجعية العليا (وسأعود لهذه النقطة مجدداً في ثانياً لكي تركز في ذهنك أخي القارىء)، فتضطر المرجعية الدينية الى الخروج عن مبناها لحل مشكلة مستعصية بالمجتمع، يعني باوضح صورة ممكنة (عندما تصل الامور الى حد الاضطراب تخرج المرجعية العليا عن سكوتها السياسي لكي تنقذ المجتمع)، وهذه المسألة مؤسس لها فقهيا بما يسمى "الولاية الحسبية" للفقيه، وانا لا اريد ان اطيل بالموضوع كثيراً لأن الأستاذ سليم سوزة ( Saleem Suzah) رحمني الكلام الفقهي فيما تبتغيه المرجعية العليا، في مقال له على الحوار المتمدن قبل ايام - ومع انني اختلف في تفصيلات كلامه إلا إن روح المقال مضبوطة - (الرابط:http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=478642&r=0 ).
القضية الثانية وهي نهاية الكلام لأن بها يجاب عن السؤال "من كان أقوى؟" المرجعية ام التظاهرات، انني اعتقد ان هذا السؤال هو مغالطة، لا يقوم بها الا من لم يفهم الدين وعلاقاته بصورة صحيحة، خصوصاً التقليد الفقهي، فالارادة الشعبية هي نفسها الإرادة المرجعية، المرجع يمثل الشعب خارج البرلمان، ولهذا ما من قوي الا الشعب، والا المرجعية، وهما واحد، نعم البعض لربما لضعف فهمهم الديني (او لعدائهم للدين) لا يتخيلون ذلك - إلا ان اغلب الشعب العراقي يتخيل ذلك ويعيشه ويرتبط بالمرجعية ارتباطاً عاطفياً بل رومانسيا!
وهنالك ملاحظة اخيرة مهمة، الشعب وارادته تضطر ان تتدخل في الظروف غير الاعتيادية، اما الارادة العاملة بالمجتمع فهي ارادة النخب المدنية الأكاديمية، وظرفنا ليس اعتياديا ليس لشيء الا لان هذه النخب ليست ناضجة للاسف، ولو كانت ناضجة لما كنت مضطرا لكي اكتب هذا المقال - ولو كانت ناضجة لما تدخلت المرجعية، ولو لم تتدخل المرجعية لما قدرت ان تفعل شيئاً.
حفظ الله بلدنا العزيز، واقام له دولة كريمة، وجعل له نضوجا في نخبه يريح المجتمع من إرهاق قيمه من اجل الرخاء، وحفظ الله لنا مرجعيتنا العليا كحامي لحمى المجتمع، وحفظ الله لنا من يجلس بمنصبها سيدنا أبو محمد رضا وجعل ظله العالي يحمينا دائماً.
Ar1web Hm

المدونة:

:)
:(
=(
^_^
:D
=D
|o|
@@,
;)
:-bd
:-d
:p